
استطاعت الصناعات الدفاعية في تركيا أن تتصدر المشهد كواحد من القطاعات الحيوية التي حققت قفزة كبيرة وغير مسبوقة في السنوات الأخيرة، إذ أصبحت تركيا قوة عالمية رائدة في مجال الابتكار والتصنيع العسكري، بفضل استثماراتها الكبيرة في البحث والتطوير، لقد نجحت الصناعات الدفاعية في تركيا، في أن تصبح محركاً رئيسياً للنمو التكنولوجي والاقتصادي، ولم يعد الاعتماد على الاستيراد هو الخيار الأساسي، بل أصبحت الصناعات الدفاعية في تركيا تبرز في العديد من المجالات، مثل: تصنيع الطائرات المسيّرة والأسلحة الذكية، الأمر الذي عزز مكانة تركيا دوليا، وفي المقال اليوم سنتعرف كيف استطاعت تركيا أن تحقق هذا التحول الكبير، والعوامل التي أسهمت في صعود الصناعات الدفاعية في تركيا.
وقفة مع تاريخ الصناعات الدفاعية في تركيا:
على مدار قرن من الزمان، حولت تركيا نفسها من دولة تعتمد بشدة على واردات الدفاع الأجنبية إلى قوة تعتمد على نفسها في مجال التكنولوجيا العسكرية، وتتميز هذه الرحلة الملحمية بإرادة لا تتزعزع ومثابرة لا تلين والتزام حازم لتأمين سيادة الدولة واستقلالها.
يمكن إرجاع جذور صناعة الدفاع التركية إلى تداعيات الحرب العالمية الأولى وحرب الاستقلال التركية (1919 ـ 1923) بعد تأسيس الجمهورية التركية في عام 1923 واجهت الدولة التركية الفتية تحديات هائلة في إرساء سيادتها، في وقت كانت فيه صناعة الدفاع لا تزال في نقطة البداية.
وبينما كشفت الحرب عن ضعف الأمة بسبب اعتمادها على الأسلحة والمعدات العسكرية الأجنبية، فقد أشعل هذا الإدراك عزما قويا على بناء صناعة دفاعية مكتفية ذاتيا من شأنها حماية مستقبل الأمة، وعلى مر السنين، دخلت صناعة الدفاع الوطنية في عملية تغيير وتحول كبيرين.
ويمكن تقسيم مراحل تطور صناعة الدفاع التركية إلى ثلاث مراحل رئيسية:
المرحلة الأولى:
تغطي الفترة الأولى من سنوات تأسيس عام 1923 حتى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، إذ اتخذت تركيا أولى الخطوات المهمة لزيادة قدراتها الدفاعية بوسائل محلية ووطنية، فقد شهدت هذه الفترة وضع وترسيخ أساسيات صناعة الدفاع الوطنية، ومساعي استدامتها وتحدياتها، وعلى الرغم من تأسيس هيئة الكيمياء والصناعة في عام 1950، فإن أساساتها قد وضعت في عام 1923 وفي هذه الفترة بدأت تركيا إنتاج الذخائر والأسلحة للأغراض العسكرية، وأسس الفوج الأول المحمول جوا كوحدة قوة جوية، التي شكلت بدورها أساس الطيران التركي في السنوات التالية، وقد كانت تركيا قد بدأت بإنتاج السفن الحربية والفرقاطات بالوسائل المحلية في تلك الفترة.
ونضيف إلى ذلك المبادرات الحكومية إذ أنشأ (شاكر زومرو) أول مصنع للصناعات الدفاعية مملوكا للقطاع الخاص، وذلك في عام 1925، فيما وقع أشخاص مثل (وجيهي حركوش) ومؤسسات مثل شركة القوات الجوية التركية، مشاريع مهمة في مجال الصناعات الدفاعية.
وبالرغم من تأثر صناعة الدفاع سلبا بالحرب العالمية الثانية، فإن أهداف ومساعي التأسيس لصناعة دفاع وطنية والتركيز على الإنتاج المحلي نجحت واستمرت.
المرحلة الثانية: مرحلة التطور (195 ـ 2000):
في هذه الفترة أصبحت صناعة الدفاع التركية أقوى من خلال التركيز على الإنتاج المحلي وأنشطة البحث والتطوير وتماشيا مع هدفي الأمن والاستقلال، وقد تم تطوير تقنيات مهمة وزادت القدرة الدفاعية للبلاد بفضل حدثين مهمين:
-
دخول تركيا حلف الناتو.
جلب دخول حلف الناتو في عام 1952، قدرات جديدة في صناعة الدفاع لتركيا، وأسهم في دخول البلاد نادي الدول المصنّعة للتكنولوجياالعسكرية، إذ مكّن تركيا من أن تكون ضمن مشاريع التعاون بين أعضاء الناتو في مجال الدفاع والحصول على تقنيات الدفاع، وفتحت المجال لتحالفات التكنولوجية ونقل التكنولوجيا مع دول الناتو الأخرى معرفة وقدرات جديدة لصناعة الدفاع التركية.
-
عملية السلام القبرصية.
ومع ذلك، كان لعملية السلام القبرصية التي أطلقتها تركيا في عام 1947 وما لحقها من حظر غربي على صادرات الأسلحة لتركيا عظيم الأثر في زيادة الوعي بضرورة تقليل الاعتماد على الدول الأجنبية، وفي سبيل تعزيز هذه الفكرة تم إطلاق حملة لتطوير وإنتاج الطائرات المحلية.
وقد تلا ذلك ترسيخ أسس أكبر الشركات في الصناعات الدفاعية على المستويين المحلي والعالمي، مثل:
- أسيلسان
- توساش
- روكيتسان
وبالإضافة إلى هذه الشركات أسست رئاسة إدارة تطوير ودعم الصناعات الدفاعية في عام 1985 والتي أسهمت في في البدء بالمرحلة الجديدة.
المرحلة الثالثة: فترة الاختراق: (2000ـ 2023):
تمثل الفترة الثالثة أكبر تحول للجمهورية التركية، إذ تبلغ الذكرى المئوية لتأسيسها، هذه الفترة التي اكتسبت فيها البلاد القدرة على تنفيذ الكثير من المشاريع المهمة التي وصل صداها إلى العالم مثل الطائرات الحربية إلى الطائرات من دون طيار، ومن الصواريخ إلى الغواصات، التي بدورها تظهر المستوى المتقدم لصناعة الدفاع في البلاد.
وبينما كانت نسبة التوطين في مجال الصناعات الدفاعية نحو 20% مطلع الألفية الجديدة، وعدد الشركات العاملة في هذا المجال 56 شركة فقط، فقد ارتفعت هذه النسبة إلى 80% اليوم، وقد ارتفع عدد الشركات الدفاعية المحلية إلى أكثر من 1000 أيضا.
وخلال هذه الفترة تصدر بند الصادرات الدفاعية رأس قائمة الصادرات التركية، إذ يتوقع أن يصل إلى مستوى 6 مليارات دولار بنهاية عام 2023، يذكر أن هذا الرقم نحو 200 مليون دولار قبل عشرين سنة، ومن ناحية أخرى زادت ميزانية المشاريع الدفاعية التي كانت نحو 5.5 مليار دولار في عام 2002 بمقدار 16 ضعفا لتصل إلى مستوى 90 مليار دولار.
وبفضل هذه الجهود الكبيرة التي بذلت في السنوات ال23 الأخيرة، أصبحت صناعة الدفاع التركية من بين أفضل الصناعات الدفاعية على مستوى العالم، وحلت تركيا في المرتبة العاشرة بين الدول الأكثر توطينا للصناعات الدفاعية، الأمر الذي أسهم في تعزيز مكانة البلاد إقليميا ودوليا.
أبرز وأحدث الإنجازات في مجال الصناعات الدفاعية في تركيا:
تمكنت تركيا من ةتحويل صناعاتها الدفاعية إلى رافعة استراتيجية تعزز من مكانتها على الساحة الدولية، وسط مشهد عالمي يتضمن تغيرات متسارعة وتحولات كبيرة، ويعتقد المراقبون أن أنقرة أصبحت مركزا عالميا لتصدير الأنظمة الدفاعية، بفضل رؤية طموحة واستثمارات ضخمة في الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة مما عزّز من ثقلها الاقتصادي ومكانتها كقوة إقليمية ودولية.
الصادرات من الصناعات الدفاعية التركية:
لقد شهدت تركيا في عام 2024 تطورا غير مسبوق في قطاع الصناعات الدفاعية والطيران، إذ سجلت صادراتها في هذا المجال رقما قياسيا جديدا بلغ 7 مليارات و154 مليون دولار، مما يمثل زيادة بنسبة 29% مقارنة بالعام السابق، وأكد رئيس هيئة الصناعات الدفاعية بالرئاسة (خلوق غورغون) أن هذه الأرقام تجاوزت الأهداف المحددة لعام 2024 بنسبة 11% والتي كانت تبلغ 6.5 مليارات دولار، مما يعكس التقدم الكبير الذي تحقق بهذا القطاع الحيوي، وبحسب تقرير لوكالة الأناضول التركية، شملت صادرات تركيا الدفاعية خلال 2024 مجموعة واسعة من المعدات والأنظمة وهي:
- 4500 مركبة برية إلى 40 دولة.
- 3 طرادات حربية إلى 3 دول.
- 140 منصة بحرية إلى أكثر من 10 دول.
- ذختائر وصواريخ إلى 42 دولة.
- 770 مسيرة (استطلاعية وهجومية) إلى أكثر من 50 دولة.
- 1200 نظام كهروبصري، ومنظومات أسلحة مثبتة إلى 24 دولة.
- مروحيات هجومية إلى ثماني دول.
- رادارات إلى عشرة دول وأسلحة وبنادق ومسدسات بمختلف الأحجام إلى 111 دولة.
- 1500 مسيرة كاميكازي (انتحارية) إلى 11 دولة.
- طائرتان من طراز (حركوش) إلى دولتين.
أبرز الإنجازات لعام 2024:
- شهد قطاع الصناعات الدفاعية في تركيا خلال 2024 عاما استثنائيا حافلا بالإنجازات النوعية التي رسخت مكانة تركيا كواحدة من القوى الصاعدة في هذا المجال:
- وتصدرت الطائرة القتالية الوطنية (قآن) المشهد، بعد أن حققت أول رحلة لها، لتضع تركيا ضمن نخبة الدول القادرة على تصميم وإنتاج مقاتلات الجبل الخامس.
- وفي مجال الطائرات المسيرة، واصلت تركيا ريادتها بفضل التطورات اللافتة التي شهدها هذا القطاع، إذ أصبحت (بيرقدار تي بي 3) أول مسيرة في العالم تتمكن من الإقلاع والهبوط من سفينة ذات مدرج قصير، مسجلة نجاحا جديدا في تاريخ الطيران.
- وقد تجاوزت الطائرة (بيرقدار تي بي 2) التي نالت لقب أكثر الطائرات المسيرة انتشارا عالميا ـ حاجز المليون ساعة طيران خلال العام، مما يعكس نجاحها في العمليات العسكرية والتجارية على حد سواء.
- أما في إطار جهود توطين التكنولوجيا الدفاعية، شهد العام الظهور الأول للطائرة المسيرة (أنكا 3) ذات التصميم المجنح والتي طورتها شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية (توساش) ولاقت اهتماما كبيرا خلال عرضها بمهرجان تكنوفست في مدينة أضنة.
- بينما حققت تركيا قفزة نوعية أخرى من خلال تشغيل أول محرك توربيني مروحي عسكري تركي الصنع من طراز (تي في 6000) الذي سيعزز مشاريع طائرات مسيرة مثل (أنكا 3) و (قزل إلما).
- أما في مجال الطيران العسكري التقليدي: فقد برزت الطائرة (حرجيت) التي تم تصميمها لأغراض التدريب النفاث كأحد أبرز إنجازات العام، إذ أكملت رحلتها الاختبارية رقم 100 بنجاح في آب الماضي، ولم تقتصر الإنجازات على الجو فقط، بل أخذت تعزز القدرات البحرية التركية، إذ تسلمت القوات المسلحة 4 سفن عسكرية جديدة، من بينها (تي سي جي دربا) و (تي سي جي إسطنبول) مما أسهم في رفع كفاءة الردع البحري للبلاد.
- وفي قطاع الدفاع الجوي شهد العام الماضي دخول نظام الدفاع الجوي بعيد المدى ((سيبر منتج ـ 1)) التابع لمنظومة القبة الفولاذية الخدمة، ليضيف بعدا جديدا إلى قوة الدفاع الجوي التركي.
- وقد شهد العام الفائت توقيع مذكرة تفاهم مع إسبانيا لتطوير طائرات التدريب النفاثة، إضافة إلى عقد أبرمته شركة ((أسيلسان)) بقيمة 50.8 مليون يورو لتصدير أنظمة أسلحة برية إلى عميل داخل الاتحاد الأوروبي مما يؤكد الثقة الدولية المتزايدة في الصناعات الدفاعية التركية.
تقدم ملحوظ خلال وقت قصير في قطاع الصناعات الدفاعية في تركيا:
لقد حققت الصناعات الدفاعية التركية تقدما ملحوظا في مجالات محددة خلال السنوات الأخيرة، وتأتي هذه الإنجازات نتيجة إستراتيجية تهدف إلى تقليل الاعتماد على الخارج وتعزيز الإنتاج المحلي، لأ، تركيا تعتمد حالياً بنسبة 80% على صناعاتها المحلية، وتطمح إلى رفع هذه النسبة إلى 95% بحلول عام 2028.
وقد استثمرت الحكومة بشكل مكثف في قطاع الصناعات الدفاعية، خلال السنوات الأخيرة، بتمويل مباشر من الدولة أو عبر مناقصات تفوز بها شركات محلية، ولم تكتف تركيا بتصدير منتجاتها الدفاعية إلى 180 دولة، بل أخذت تبني إستراتيجية جديدة قائمة على الشراكات الدولية، فبدلا من الاكتفاء بالتصدير، تعمل الآن على بناء شركات صناعية مع دول مثل السعودية وبولندا وأذربيجان وعمان والكويت.
يمكنك أن تقرأ أيضاً: مستقبل ريادة الأعمال في تركيا
التطلعات المستقبلية للصناعات الدفاعية في تركيا:
على نفس خطى العام الماضي بدأت الصناعات الدفاعية التركية العام الجديد بوتيرة متسارعة، فإلى جانب مشاريع مثل بناء السفن العسكرية، وتجارب ANKA-3 المسلحة، وتسليح بيرقدار TB-3 سلمت مؤخرا أول دفعته من أنظمة التوجيه الدقيق HGK-84 إلى المخزون العسكري للمرة الأولى.
وبذلك أصبحت الآن النسخة المحلية من أطقم التوجيه التي طورت بالتعاون بين المؤسستين الوطنيتين ASFAT و TUBITAK SAGE، متاحة للاستخدام العسكري بعد أن كانت تستوردها تركيا من الولايات المتحدة في وقت سابق، ويشير الخبراء إلى أن هذه الخطوة تمثل قدرة حاسمة في العمليات الجوية ضد الأهداف الأرضية، مما يتيح ضربات أكثر قوة ودقة وبتكلفة أقل نسبيا، إذ كانت تركيا تعتمد في الماضي على أنظمة توجيه مستوردة من الولايات المتحدة، مثل أطقم توجيه JDAM.
وسيرا على طريق الاكتفاء الذاتي الكامل، قررت تركيا تطوير نسختها الخاصة، لتتمكن من تحويل القنابل التقليدية إلى ذخائر ذكية عالية الدقة من خلال مشروع أطقم التوجيه الدقيقة (HGK)، وقد أوضح الخبراء في الصناعات الدفاعية في تركيا أن قنبلة MK-84 المتعددة الأغراض التي تعتمد عليها القوات المسلحة التركية بشكل رئيسي لضرب الأهداف الأرضية كانت تستخدم في الأصل من دون توجيه، ولكن بفضل أطقم التوجيه المحليه تحولت إلى قنابل ذكية وأكثر دقة ويمكن توجيهها عبر الـ GBS بدقة تصل إلى ثلاثة أمتار، ومن الممكن إطلاقها من ثلاث منصات: مقاتلات F-16 و F-4E ، بالإضافة إلى الطائرة الهجومية من دون طيار (AKINCI) كما حققت (HGK) النجاح الباهر في اختبارات القبول.
ومن الجدير بالذكر أن الطائرات الوطنية مثل:
- KAAN
- KIZILEMA
- ANKA-3
ستتمكن من استخدام منظمومات HGK-84، لافتا إلى أن تركيا وصلت إلى مستوى متقدم في تنوع الذخائر، الأمر الذي يعزز مرونة الجيش التركي في التعامل مع التهديدات والمخاطر.
الصناعات الدفاعية في تركيا تحقق نقلة نوعية في القوات البحرية التركية:
إن الكشف عن المركبة البحرية المسيّرة (أوكان) المطورة من قبل شركة (كاياجي) داخل تكنو بارك مرسين يمثل إنجازا جديدا ضمن جهود الصناعات الدفاعية والوطنية، وقد تم تصميم المركبة بقدرات عالية تجعلها مناسبة لتنفيذ مجموعة من المهام مثل الاستطلاع والمراقبة في أعالي البحار، واجتازت أوكان الاختبارات بنجاح وأكدت جاهزيتها للعمل في بيئات صعبة وظروف متغيرة، ويعكس تطوير (أوكان) رؤية تركيا الطموحة لتحقيق الاستقلال في مجال الصناعات الدفاعية، ومن المتوقع أن يمتد النجاح الذي حققته تركيا في تطوير الطائرات المسيرة أن يمتد إلى المسيرات البحرية، لتأخذ مكانها بين الدول الرائدة في هذا المجال.
يمكنك الإطلاع على المقال المهم: التصدير من تركيا (القطاعات الرائدة لعام 2025)
الآفاق والتحديات المتوقعة في قطاع الصناعات الدفاعية في تركيا:
الآفاق:
تشكل المزايا التي تتمتع بها تركيا مثل الانتاج الفعال من حيث التكلفة والأداء العالي الجودة، محركات رئيسية للنمو القياسي في صناعة الدفاع لديها، وقد أدى تركيز البلاد على توطين صناعة الدفاع لديها إلى خفض التكاليف والسماح بأسعار تنافسية في سوق الأسلحة العالمية، وعلاوة على ذلك فإن موقف السياسة الخارجية المستقل لتركيا، والذي غالبا ما ينحرف عن الحلفاء الغربيين التقليديين وحلف شمال الأطلسي، ويمكنها من التعامل مع مجموعة أوسع من البلدان بما في ذلك تلك الخاضعة للعقوبات الدولية، أو في المناطق الحساسة سياسيا وقد وضعت هذه المرونة تركيا كشريكة مفضلة للدول التي تسعى إلى الحصول على تكنولوجيا عسكرية متقدمة دونت الشروط التي يفرضها الموردون الغربيون غالباً، ومع استمرار تركيا في الابتكار وتوسيع عروض منتجاتها فمن المرجح أن تستحوذ على حصة أكبر من سوق الأسلحة العالمية، وخصوصا في مكانتها من دول مجلس التعاون والخليجي الغنية والبلدان ذات الدخل المتوسط المنخفض إلى المرتفع في جميع أنحاء روسيا وأفريقيا.
التحديات:
إن بعض المجالات التقنية، مثل أنظمة الرادار تحتاج إلى مزيد من التطوير المحلي، وهو ما تعمل عليه تركيا بزيادة استثماراتها بهذا القطاع، وأشار إلى القيود الجيوسياسية المرتبطة بالتزامات أنقرة مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) والتي قد تحد أحيانا من قدرتها على التصدير إلى بعض الأسواق مثل روسيا والصين.
وعلى الرغم من المسار الإيجابي لمجال الصناعات الدفاعية في تركيا، ولكنها لا تزال تواجه تحديات منها العقوبات الدولية التي تفرضها الدول الغربية، وقد تشكل عقبات كبيرة.
لا تزال صناعة الدفاع في تركيا تعتمد على العديد من المكونات أجنبية الصنع لبعض الأنظمة عالية التقنية، والتي يمكن أن تشكل نقطة ضعف في أوقات التوتر الجيوسياسي أو اضطرابات سلسلة التوريد.
ويأتي التحدي الآخر من المنافسة مع الدول الناشئة الأخرى المصدرة للأسلحة، مثل (إيران) إذ إن تركيا وإيران نشطتان بشكل متزايد في الصراعات بالوكالة، وغالبا ما تدعمان الجانبين المتعارضين.
تعيش تركيا نهضة غير مسبوقة في مجال إنتاج الصناعات الدفاعية، أكسبتها أهمية كبرى في قطاع صناعة الأسلحة العالمي، وبعد تحقيق عام قياسي من صادرات الدفاع في 2024 تستعد تركيا لمواصلة مسارها التصاعدي في مجال الصناعات الدفاعية.